languageFrançais

فرنسا: اليمين المتطرف يتصدّر الاستطلاعات قبل أسبوع من الانتخابات

قبل أسبوع من موعد الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية، ما زال معسكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يسعى لتقليص تأخره عن ائتلاف اليسار وخصوصا اليمين المتطرف الأوفر حظا، متعهّدا "تغييرا" وحكما أكثر قربا من الشعب.

وقال رئيس الوزراء غابريال أتال خلال مقابلة مع وسائل إعلام فرنسية "أيا تكن النتائج سيكون هناك ما قبل وما بعد".

وأضاف أتال الذي يقود حملة معسكر ماكرون الانتخابية "في النهج في الحوكمة يجب أن يكون الأداء أفضل (...) في البحث عن ائتلافات مع الفرنسيين والمجتمع المدني".

وأكد أن ماكرون الذي انتُخب رئيسا في العام 2017 ثم فاز بولاية ثانية في العام 2022 يؤيد هذا التوجّه.

وشدّد على أن الرئيس "أيقن تماما وجوب إحداث تغيير في طريقة العمل والنهج والجوهر".

ومساء الأحد تعهّد ماكرون "العمل حتى ماي 2027"، موعد نهاية ولايته، لكنّه أقر بـ"وجوب إحداث تغيير عميق في كيفية الحكم".

وقال ماكرون في رسالة الى الفرنسيين نشرتها الصحافة إن "الحكومة المقبلة التي ستعكس بالضرورة تصويتكم، آمل أن تجمع الجمهوريين من تيارات مختلفة بعد أن يكونوا قد عرفوا عبر شجاعتهم كيف يواجهون المتطرفين".

وأظهر استطلاعان للرأي أجريا مؤخرا أن التجمع الوطني اليميني المتطرف وحلفاءه سيحصدون ما بين 35,5 و36 بالمئة من الأصوات، متقدما على الجبهة الشعبية الجديدة، تحالف أحزاب اليسار (27 إلى 29,5 بالمئة)، وعلى معسكر ماكرون (19,5 إلى 20 بالمئة).

بدورها أقرّت رئيسة الجمعية الوطنية يائيل برون-بيفيه في تصريح لقناة "بي اف ام تي في" بأن معسكر ماكرون اتّبع نهجا "عموديا"، وأوضحت "أعتقد أننا لم ننشئ رابطا مع الفرنسيين في السياسات التي اتّبعناها".

هذه الانتقادات للرئيس ليست جديدة وقد سعى لمعالجتها عبر خطوات على غرار "الحوار الوطني"، المبادرة التي أطلقها لمحاورة هيئات مدنية بعد انتفاضة "السترات الصفراء" التي شارك في إطارها في العامين 2018 و2019 مئات الآلاف في تظاهرات ضد السياسات الاقتصادية والاجتماعية للحكومة.

 شولتس يبدي "قلقه"
من جهته، يسعى رئيس التجمع الوطني جوردان بارديلا لاستخدام ورقة التهدئة، طارحا نفسه في موقع الشخصية القادرة على جمع الفرنسيين، في مقابلة أجرتها معه صحيفة "لو جورنال دو ديمانش".

وقال "أريد مصالحة الفرنسيين وأن أكون رئيس الوزراء لجميع الفرنسيين بلا أي تمييز"، مكررا أنه لن يقبل بتولي المنصب إن لم يحصل على الغالبية المطلقة في الانتخابات التشريعية.

والأحد شدّد رئيس بلدية بيربينيان (جنوب-غرب) لوي آليو، إحدى شخصيات التجمّع الوطني، على أهمية هذه النقطة، معتبرا أنه إن لم يحصل ذلك "ستكون هناك تدابير غير قابلة للتطبيق على نحو فوري".

ومن المقرر أن يعلن التجمّع الوطني صباح الإثنين "أولوياته بالنسبة لحكومة الوحدة الوطنية" التي يعتزم تشكيلها.

ويثير فوز اليمين المتطرف في الانتخابات الفرنسية قلق المستشار الألماني أولاف شولتس.

وعبّر المستشار الألماني عن "قلقه إزاء الانتخابات في فرنسا"، وقال الأحد "آمل أن تنجح الأحزاب غير المحسوبة على (مارين) لوبن في الانتخابات. لكن القرار يعود إلى الشعب الفرنسي".

الأحد نزل عشرات آلاف المتظاهرين إلى الشوارع في فرنسا للتنديد بـ"خطر" يتهدّد حقوق النساء في حال فوز التجمّع الوطني بالانتخابات.

"عليه أن يصمت"
مجددا غرق التحالف اليساري في التكهنات حول مرشحه لمنصب رئيس الوزراء في حال فاز في الاستحقاق.

تنطوي هذه المعضلة على حساسية بالغة داخل الجبهة الشعبية الجديدة التي تم تشكيلها في وقت قياسي لمحاولة منع وصول اليمين المتطرف إلى السلطة.

وتضم هذه الجبهة الشيوعيين واليسار الراديكالي وأنصار البيئة والديموقراطيين الاجتماعيين، وسط تناقض في الرؤى في بعض الأحيان.

مساء السبت، أكد زعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون (فرنسا الأبية) "عزمه على حكم هذا البلد"، ما يعتبره الاشتراكيون خطا أحمر.

وقال الرئيس الاشتراكي السابق فرنسوا هولاند "إذا كان لدي رسالة أوجهها، فهي أن جان لوك ميلانشون (...)، إذا ما أراد أن يخدم الجبهة الشعبية الجديدة، عليه أن يقف جانبا، عليه أن يصمت".

بدوره شدّد الأمين العام للحزب الشيوعي فابيان روسيل في بيان على أن أي ترشيح محتمل لميلانشون لرئاسة الوزراء "لم يتم الاتفاق بشأنه" في الجبهة الشعبية الجديدة، معتبرا الأمر "خطأ" و"لا يحتمل".

أقدم ماكرون على أكبر مجازفة منذ وصوله إلى السلطة عام 2017، بإعلانه حل الجمعية الوطنية والدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة، في قرار أثار صدمة هائلة في فرنسا، اتخذه في ضوء فشله في الانتخابات الأوروبية في 9 جوان بمواجهة التجمع الوطني.

ويواجه ماكرون صعوبات في تطبيق برنامجه منذ أن خسر الغالبية في الجمعية الوطنية في الانتخابات التشريعية الأخيرة في جوان 2022.

وماكرون الذي تنتهي ولايته في 2027 سبق أن استبعد الاستقالة أيا كانت نتيجة الانتخابات التشريعية.

لكن في حال حقق التجمع الوطني انتصارا واضحا، رأى فينسان مارتينيي أستاذ العلوم السياسية في جامعة نيس (جنوب شرق) أن "خطأه الأخلاقي سيكون هائلا"، مضيفا "يمكن التصوّر أن الحل الوحيد المشرف سيكون الاستقالة".

(أ ف ب)